2013/11/17

{6992 صدى}

المهاجرون السوريون في ذكرى الهجرة
د. محمود نديم نحاس
المقالة منشورة في الاقتصادية الإلكترونية، الأحد 17/11/2013
نشرت صفحة إحصائيات الثورة السورية أرقاماً مخيفة عن المجتمع السوري، إذ بلغ عدد النازحين في الداخل السوري خمسة ملايين وسبعمائة ألف، فيما بلغ عدد المهجرين إلى الخارج أكثر من مليونين وستمائة ألف، وعدد المعتقلين قريباً من ربع مليون، وعدد المفقودين قريباً من تسعين ألفاً، وعدد الجرحى قريباً من مائة وثلاثة وأربعين ألفاً، وعدد الشهداء المعروفة أسماؤهم قريباً من مائة ألف، وعدد المفقودين قريباً من تسعين ألفاً. وبحسبة بسيطة فإن هذه الأرقام تعني أنه منذ بداية الثورة إلى الآن يُقتل مواطن كل ربع ساعة، بينما يُجرح آخر كل عشر دقائق، ويُعتقل ثالث كل أربع دقائق، ويهاجر بيته كل يوم 2758 مواطناً. أما الأطفال فقد قُتل منهم أكثر من ثمانية آلاف، أي بمعدل طفل كل ثلاث ساعات.
الأرقام كلها مرعبة، وإذا جُمعت أعداد النازحين والمهجرين فإنها تعني أكثر من ثلث السكان! والعدد في ازدياد، إذ تشير بعض التقديرات إلى أنه سيبلغ نصف السكان في نهاية العام.
وتطل علينا ذكرى الهجرة النبوية ونحن نطالع هذه الأرقام المخيفة من المهجرين، فلابد أن يأتي في الذهن بعض من دروس تلك الهجرة. وربما يستطيع الإنسان أن يدبج الخطب والمقالات في نصح هؤلاء الناس وإعطائهم دروساً في الصبر من خلال الدروس المستقاة من الهجرة النبوية، لكن الفرق كبير بين الذين خرجوا من مكة طوعاً بعد أن ضاق عليهم الأمر فيها، فهاجروا أولاً إلى الحبشة حيث ندبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، إذ فيها ملك لا يُظلم عنده أحد، وعاشوا فيها معززين مكرمين، ثم إنهم هاجروا إلى المدينة المنورة، بعد أن فتح الله قلوب أهلها، فاستقبلوهم، وأكرموا وفادتهم، وقال قائلهم لأخيه المهاجر: هذا شطر مالي! فردّ عليه المهاجر: بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق... نعم إن الفرق كبير، فالمهاجرون السوريون اليوم يهربون من القصف الذي يدمّر بيوتهم فوق رؤوسهم، فيخرجون وهم لا يعرفون وجهتهم، فالنازحون في الداخل لم يستقبلهم أحد، بل سكنوا المدارس، والحدائق والشوارع، أما الذين هربوا إلى دول الجوار، فتختلف معاناتهم من بلد إلى آخر.
صحيح أن الهجرة سلوك إنساني قديم ومستمر، إذ لولاها لما انتشر بنو آدم في أصقاع الأرض، بحثاً عن الكلأ، واستكشافاً للمجهول، وصحيح أن الهجرة في سبيل الله باقية، كما ورد في الحديث (لا تنقطعُ الهجرةُ حتَّى تنقطعَ التَّوبةُ، ولا تنقطعُ التَّوبةُ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ من مغربِها)، لكن الهجرة من القصف والقتل والترويع والتجويع تختلف عن أي هجرة. نعم إنهم هم الذين نادوا (ما لنا غيرك يا الله) لكن أوضاعهم في مخيماتهم تحتاج للدعاة ليذكروهم أن النصر مع الصبر (حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ، وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، فلا يسيطر عليهم اليأس والإحباط، ولينالوا ثواب الهجرة بحسن النية. لكن عمل الدعاة هذا لا يكفي إلا إذا شعر المهاجرون بتعاطف إخوانهم معهم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، فهم إضافة للكلام الطيب والبسمة المشرقة بحاجة أيضاً ليد حانية تساعدهم على العيش ولو عيش الكفاف.

2013/11/15

{6991 صدى} الجوع والركوع


الجوع والركوع
د. محمود نديم نحاس
المقالة منشورة في الاقتصادية الإلكترونية، الأحد 10/11/2013
عندما أقرأ في كتب التاريخ عن عصور الانحطاط وتغلب التتار والمغول على بلادنا، وكيفية معاملتهم الفظة للناس، ربما أصفها في نفسي بأنها مبالغات من أجل إثبات نظرية سوء معاملة الغزاة، أو الحال الصعبة التي وصل إليها الناس في تلك الأزمان.
لكننا اليوم صرنا نرى الطغيان رأي العين، فالبث المباشر من موقع الحدث، سواء عبر شاشات التلفاز أو عبر الإنترنت وشاشات الحاسوب والهواتف الذكية، يعطينا الصورة أوضح ما تكون، دون مبالغات أو إضافات.
وما يجري في سوريا للشعب المسكين يجعلك تبكي ألماً وحرقة، ربما أكثر مما بكى الناس عندما سقطت البلاد بيد التتار والمغول. فقد ذكرت مصادر إخبارية أن تقريراً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أقر بأن أكثر من نصف سكان ريف دمشق محاصَرون، إضافة إلى أكثر من ثلاثمائة ألف آخرين في محافظة حمص. وكما قال مسؤول أمني لدى النظام: هي حملة (الجوع حتى الركوع). فحواجز التفتيش تمنع تهريب حتى الخبز أو حليب الأطفال أو الدواء إلى المناطق المحاصَرة. وإذا كان بعض السكان يأكلون الخضروات من البساتين المحيطة، فإن بعضهم يقتاتون على أوراق الشجر والحشائش، وآخرون أخذوا بفتوى جواز أكل لحم القطط والكلاب والحمير. وقد رُصدت أعراض سوء التغذية كالجفاف وفقدان الوزن الحاد والإسهال... إضافة إلى حالات وفاة بسبب سوء التغذية أو الجوع. في حين ذكرت بعض المواقع الإخبارية حدوث حالات تسمم ناتجة عن أكل لحوم البشر! وحالات تسمم جماعي من أطعمة فاسدة أو ملوثة.
صحيح أن القانون الدولي لا يحظر الحصار في الحروب، لكن التجويع جريمة حرب. ويقوم قناصة النظام بقتل الذين يحاولون تهريب المواد الغذائية للمناطق المحاصَرة، كما تقوم الطائرات باستهداف الحقول وإحراقها.
ربما كان الضابط الذي يدير حاجز مخيم اليرموك في دمشق أقل قسوة من ذلك المسؤول الأمني، فقد استخدم أسلوب (الجوع أو الركوع)، إذ بعد حصار المخيم عدة أيام، سمح بفتح الحاجز عدة ساعات ليتزوّد الناس بالخبز! فخرج الناس إلى المخبز القريب، وعادوا بعد ساعات يحمل كل واحد منهم ربطة خبز واحدة حسب تعليمات الضابط، فما كان منه إلا أن صادر كل الخبز! ثم جمع النساء العجائز والرجال الشيوخ وقال لهم: من يعوي سأعطيه ربطة خبز! إنه يتصدق عليهم من مالهم! فتقدّم شيخ سبعيني، وقد ترك أطفال ولديه الشهيدين يئنّون من الجوع داخل المخيم، وأطلق عواء ذئب جريح مخنوق، في مشهد يشبه المأتم حيث وجم الناس وأطرقوا رؤوسهم من هول الموقف! فضحك الضابط وقال للجندي: أعطِ هذا الكلب ربطة خبز!
وتحفل مواقع الإنترنت بقصص الهروب من الحصار ومعاينة الموت المحقق في الطريق، أو فقدان بعض أفراد الأسرة في سبيل بقاء الآخرين، ناهيك عن فقدان كل ما يملكون من مال ومسكن. كما تتحدث تقارير منظمات أوروبية عن قوارب الموت التي تقلّ السوريين الهاربين من الجحيم منذ أن دفعتهم الحرب إلى ركوب البحر بحثاً عن الحياة، لينتهي المقام ببعضهم ضحايا مجهولين في مقابر الأرقام، وذلك بعد معاناة مع أطماع سماسرة مافيا التهريب إلى أوروبا، وحالات الاحتيال التي يتمّ فيها استغلال حاجتهم ونهب أموالهم أو تسليمهم لسلطات بعض البلدان. وتشير التقديرات إلى غرق أكثر من خمسمائة سوري قبالة السواحل الأوروبية منذ مطلع العام الجاري.
لكن الشعب الذي خرج مطالباً بحريته وأقسم ألا يعود قبل أن ينالها، رفع شعار (الجوع ولا الركوع) وشعار (الموت ولا المذلة) لتبقى ثورته ثورة الكرامة التي تستحق قربان الروح والدم. أما الضمير العالمي فالواضح أنه في حالة موت سريري.
عندما نقرأ مقالاً بعنوان: اللاجئون السوريون وحق العودة، ينتابنا الحزن والأسى، فهذا التعبير استُخدم للاجئين الفلسطينيين الذين هرب آباؤهم وأجدادهم من القتل قبل خمسة وستين عاماً ومازالوا يطمحون بالعودة إلى بيوتهم، فهل يعني هذا أن تستمر مأساة السوريين سنين عديدة والعالم يتفرج؟
 


2013/11/08

{6990 صدى}

لوثات النظام السوري في المناهج التعليمية
د. محمود نديم نحاس
المقالة منشورة في الاقتصادية الإلكترونية، الأحد 3/11/2013
بعد وفاة الأسد الأب بفترة كتب أحد الصحفيين: من يرقب دمشق يظن أن حافظ أسد لم يمت أو إنه يحكم من قبره. وقد قصد أنه لم يتغير شيء في البلد بتغير الرئيس الذي تم تعديل الدستور خلال ربع ساعة من أجل أن يرث والده في حكم بلد يدّعي وزير خارجيته اليوم أنه يحكمه دستور وكل شيء فيه دستوري! ولقد حزن كثيرون لأن الأسد ذهب إلى ربه قبل أن يروا محاكمته في الدنيا على ما اقترفت يداه ضد السوريين، بل ضد العرب كلهم. فقد كانوا يأملون أن يروه يُحاكم كما حوكم بنوشيه، الرئيس الديكتاتوري التشيلي الأسبق، في أواخر عمره.
لكن الله يفعل ما يريد، ومن يدري فقد تتم محاكمته بعد انتصار الثورة، ويتم إزالة قبره الذي أصبح مزاراً.
الشيء الوحيد الذي حصل بعد موته فيما يخص مناهج التعليم في سوريا هو إضافة كلمة (الخالد) إلى كل جملة بعد ذكر اسم القائد! ونحن نعلم أنه لا خلود في هذه الدنيا، وأن الخلود يكون في الجنة أو في النار! لكن كم مرة ذُكر اسم القائد؟ ربما يصعب إحصاء ذلك لأن صوره وكلامه وأعماله تم إدخالها في كل الكتب الدراسية بطرق مباشرة وغير مباشرة.
وهذا ما حمل الهيئة السورية للتربية والتعليم، وهي إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تدعم النازحين والمهجّرين والمشردين، لتقوم بتصفية المناهج من لوثات النظام وإعادة المناهج إلى أهدافها التربوية، بعيداً عن تشويه التاريخ وفرض الأفكار على الجيل.
عملت لجنة المناهج في الهيئة على مسح الكتب المدرسية، وشكّلت فرق عمل متخصصة من الأكاديميين والمدرسين لمراجعة كل المواد لتنقيح المنهج، واضعين نصب أعينهم أن سوريا الحرة تحتاج إلى مناهج تستطيع أن تقوم بالدور الفعال لتنتج جيلاً جديداً من المبدعين الأحرار وليس جيلاً من العبيد المصفقين للرئيس، مناهج مبنية على قواعد علمية قوية، تتوائم مع أهداف الثورة وأدبياتها .
أقامت اللجنة قريبا من أحد مخيمات اللاجئين، وقامت بمراجعة 210 كتب خلال شهر ونصف من العمل المتواصل الذي لم يعرف عطلة لنهاية الأسبوع، فالطلاب النازحون أو في المناطق المحررة ينتظرون الكتب للعام الدراسي الجديد. وعملت اللجنة على حذف صور الأسدين وما يمتّ لهما من صلة، وإزالة خطبهما وكلماتهما التي تملأ الكتب. كما تم مسح صور شخصيات يمجّدها النظام السوري، ووُضع مكانها صور القادة التاريخيين لسوريا، أو العلماء الذين سعى النظام السوري لطمس فكرهم، مثل الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، أو شهداء الثورة وخصوصا من الأطفال، كالطفل حمزة الخطيب، كما تم تغيير العَلَم إلى العَلَم الذي تبنّته الثورة، وهو عَلَم سوريا عند استقلالها من الاستعمار. كما تم حذف شعار الحزب واسم باسل، وهو الذي كان يُعدُّه أبوه ليرثه من بعده، لكن الله أخذه منه ليدعه يشعر بشعور عشرات الآلاف من الأمهات اللواتي قتل أولادهن. وكذلك قامت اللجنة بتغيير اسم الحركة التصحيحية المجيدة إلى الانقلاب العسكري الذي كرس حكم البلاد لطائفة معينة، وتغيير اسم حرب تشرين التحريرية المجيدة لاسمها الحقيقي وهو حرب تشرين، وذكروا الخسارة التي خسرتها سوريا في تلك الحرب.
وقد قدّر الله لي أن ألتقي برئيس لجنة المناهج لأسأله عن أصعب شيء واجهوه في عملهم، فقال: هناك عدة أمور، مثل وجود اسم الأسد في كل شيء، فكان علينا أن نغير اسم حديقة الأسد وبحيرة الأسد وصالة الأسد، وسد الأسد، ومطار الأسد... ووضع أسمائها السابقة أو اختيار أسماء جديدة لها حسب المكان والزمان.
ثم إنه أراني كتاب الرياضيات لطلاب الصف السابع (الأول المتوسط) الذي تم فيه إقحام نص لا علاقة له بالموضوع، وقد سمح لي بتصويره لأحتفظ به عندي. وأنقل النص كما هو في الصورة: هذا التصميم الإسلامي هو لصفحة مزخرفة بخط النستعليق كتبه مير علي الهوري التبريزي في بداية القرن السادس عشر من الأسرة الصفوية في بلاد فارس (إيران). اذكر إذا كان كل تصميم له خط تناظر. انسخ الشكل وارسم خط أو خطوط التناظر!
وعندما تنظر في النص تراه مكتوبا باللغة الفارسية التي لن يستطيع الطالب قراءتها. فهل عجز مؤلفو كتاب الرياضيات أن يجدوا أشكالاً أخرى لها خطوط تناظر. وما هو الهدف التربوي لهذا النص؟
كما أراني كتاب التاريخ للصف السابع أيضاً، وفيه مدح للقرامطة، والكتابة عنهم على أنهم حركة إصلاحية! نعم يُقال هذا عن القرامطة الذين قتلوا الحجيج وسرقوا الحجر الأسود. وكان على لجنة المناهج تعديل كل هذا بل وتعرية حركة القرامطة الباطنية كما كتبت عنها كتب التاريخ. 
سيأتي اليوم الذي يستطيع فيه السوريون أن يفضحوا النظام السوري وتحالفاته المريبة وأعماله الخفية في التفريق بين العرب والمسلمين. وكما انتهت حركة القرامطة في التاريخ فإن حركة القرامطة الجدد إلى نهاية بإذن الله.
 

2013/11/07

Fwd: التقويم الهجري 1435 هـ 2014/2013




 التقويم الهجري 1435 هـ  2014/2013

تصميم الأستاذ / خالد الرفاعي



لتنزيل نسخة كاملة على جهازك بصيغة PDF اضغط على الرابط التالي

إضغط هنا

أو في المرفقات


مع الشكر الجزيل للأستاذ
/ خالد الرفاعي




Yaser Al-Ahmad
IT Projects Manager, PMP